آخر الأخبار
جانبي ثابت – يسار
جانبي ثابت – يمين

جسمك الذى لاتعرفه .. جهاز المناعة .. حروب يخوضها ولا تشعر بها

كتب : نبيل نور
هل تخيلت يومًا أنك محاربٌ في معارك لا تنتهي؟ ليس بسيفٍ أو درع، بل بجسدك وعقلك! في كل لحظة، هناك صراعات تدور داخلك دون أن تشعر بها، بين جهازك المناعي والميكروبات، وبين خلاياك السليمة وتلك التي قد تتحول إلى سرطانية، وحتى بين أفكارك الإيجابية والسلبية.
اعلان طولي وسط المقال
هذه الحروب الخفية  كما يقول الدكتور محمد عطية مرتضى استاذ امراض العظام والمناعة بكلية الطب جامعة الزقازيق هي التي تحافظ على حياتك من دون أن تدركها. ومعركة الجهاز المناعي ضد الميكروبات في جسدك الآن، هناك أكثر من 39 تريليون ميكروب تعيش معك، بينما لا يتجاوز عدد خلاياك البشرية 30 تريليون! هذا يعني أن أجسادنا أشبه بمجتمعات مختلطة من الكائنات الدقيقة، بعضها مفيد وبعضها يحاول استغلال أي ضعف لينقض علينا.
يضيف مرتضى انه لحسن الحظ، جهاز المناعة لا ينام، فهو يخوض آلاف المعارك يوميًا، يتصدى فيها للبكتيريا والفيروسات والطفيليات التي تحاول غزونا. بفضل هذا الجيش الخفي من الخلايا القاتلة، نتجاوز معظم الأمراض دون أن نشعر حتى أننا كنا في خطر.
لكن بعض الميكروبات تمتلك طرقًا بارعة في خداع الجهاز المناعي، مثل الفيروسات التي تختبئ داخل خلايانا أو البكتيريا التي تطور مقاومة للمضادات الحيوية، مما يجعل بعض الإصابات أكثر صعوبة في العلاج. وهنا تأتي أهمية العناية بالمناعة،  اكد مرتضى انه من خلال اتباع نمط حياة صحي وتجنب العادات التي تضعف دفاعات الجسم.

 

الصراع ضد الخلايا السرطانية
ربما لا تعلم أن جسدك ينتج مئات إلى آلاف الخلايا السرطانية كل يوم، لكنها لا تجد فرصة للبقاء بسبب مراقبة جهازك المناعي لها. بمجرد اكتشاف أي خلية غير طبيعية، يرسل الجسم خلاياه القاتلة لتدميرها قبل أن تبدأ في الانتشار. لكن، في بعض الحالات، تكون هذه الخلايا أذكى من المتوقع، فتنمو بهدوء حتى تتجاوز دفاعات الجسم. اشار مرتضى الى ان هذه المعركة قد تستمر لسنوات قبل أن يشعر الإنسان بأي أعراض، مما يجعل الفحوصات الدورية أمرًا ضروريًا لكشف أي خطر في مراحله الأولى.
العوامل التي تؤثر على قدرة الجسم في التصدي لهذه الخلايا تشمل العوامل الوراثية، نمط الحياة، والتعرض للسموم البيئية مثل التدخين والتلوث. تقوية جهاز المناعة، إلى جانب الفحوصات المنتظمة، يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في الوقاية من الأمراض الخطيرة.
المعركة ضد الأمراض المناعية الذاتية
في بعض الأحيان، يفقد جهاز المناعة بوصلته، فيبدأ بمهاجمة خلايا الجسم نفسه بدلًا من حمايته. هذه المعركة الداخلية هي جوهر الأمراض المناعية الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، الذئبة، والتصلب المتعدد. في هذه الحالات، يتحول الجهاز المناعي إلى خصم بدلًا من حامٍ، مما يؤدي إلى التهابات مزمنة وتلف في الأنسجة. هذه الحروب غير المرئية تستمر مدى الحياة، ويتطلب إدارتها علاجات للتحكم في رد الفعل المناعي وإعادة التوازن للجسم، مما يجعل المصابين بها في صراع دائم للحفاظ على صحتهم وجودة حياتهم.
اشار مرتضى الى ان الأبحاث الحديثة تحاول فهم أسباب حدوث هذه الاضطرابات، حيث تلعب العوامل الوراثية، البيئية، والتوتر دورًا في تحفيزها. الاهتمام بالتغذية السليمة، النشاط البدني، وإدارة التوتر يمكن أن يساعد في الحد من الأعراض وتحسين جودة الحياة.
وعن معركة الهدم والبناء في أنسجة الجسم
يقول مرتضى ان جسم الإنسان في حالة تجدد مستمر، حيث يتم هدم الخلايا والأنسجة التالفة واستبدالها بخلايا جديدة في عملية مستمرة من البناء. هذه الدورة ضرورية للحفاظ على صحة الأعضاء والأنسجة وضمان عملها بكفاءة.
* اما فى العظام فبقول مرتضى انها تخضع لعملية مستمرة من الهدم والبناء بفضل نشاط نوعين من الخلايا: الخلايا الهادمة (osteoclasts) التي تكسر العظام القديمة، والخلايا البانية (osteoblasts) التي تعيد بناء العظام من جديد. هذه العملية تساعد في الحفاظ على قوة العظام وتكيفها مع الضغوط المختلفة، لكن مع التقدم في العمر أو في حالات مثل هشاشة العظام، قد يزداد معدل الهدم على البناء، مما يضعف الهيكل العظمي.في العضلات و بعد ممارسة التمارين الرياضية، خاصة التمارين الشاقة، تحدث تمزقات صغيرة في ألياف العضلات. يبدأ الجسم بإصلاح هذه الألياف وبنائها بشكل أقوى، مما يؤدي إلى زيادة الكتلة العضلية بمرور الوقت. لكن إذا لم يحصل الجسم على التغذية الكافية أو الراحة، فقد يفشل في تعويض التلف، مما يؤدي إلى ضعف العضلات. وفي الجلد فالخلايا تتجدد باستمرار، حيث يتم التخلص من الخلايا الميتة واستبدالها بأخرى جديدة. هذه العملية تستغرق حوالي 28 يومًا، مما يمنح الجلد مظهرًا صحيًا وشابًا. ولكن مع التقدم في العمر أو بسبب التعرض المفرط للشمس والتلوث، قد تتباطأ عملية التجدد، مما يؤدي إلى ظهور التجاعيد وفقدان المرونة.

 

واكد مرتضى ان معارك العقل والنفس فهى  لا تقتصر على الجسد فقط، فالعقل يخوض معاركه الخاصة يوميًا. كل فكرة سلبية، كل توتر، كل إحساس بعدم الأمان هو جزء من صراع داخلي مستمر. أحيانًا نكسب هذه المعارك ونحافظ على توازننا النفسي، وأحيانًا تسيطر علينا الضغوط ونشعر بالإنهاك. لكن كما أن المناعة تقوى بالعناية بالجسد، فإن العقل يزداد صلابةً بالراحة والتأمل والتفكير الإيجابي.

 

الضغوط اليومية مثل العمل، العلاقات، والمسؤوليات الحياتية تضع عبئًا على النفس، مما قد يؤدي إلى الإرهاق والتوتر المزمن. تخصيص وقت للراحة النفسية، مثل المشي في الطبيعة، ممارسة الهوايات، أو حتى الحديث مع صديق، يمكن أن يكون مفتاحًا للحفاظ على الصحة النفسية.
ولكن كيف نعزز دفاعاتنا؟
فانه لحسن الحظ، يمكننا دعم هذه الجيوش الداخلية من خلال:
* الأكل الصحي: كل وجبة غنية بمضادات الأكسدة تعزز مناعتك.
* النشاط البدني: الحركة الدائمة تجعل الدم يتدفق بحرية، حاملاً خلايا المناعة إلى أماكن الخطر.
* النوم الجيد: الراحة تمنح الجسد فرصة لإصلاح نفسه وتقوية دفاعاته.
* التحكم في التوتر: القلق المستمر يضعف جهاز المناعة، لذا فإن التأمل والاسترخاء ليسا رفاهية، بل ضرورة.
* الفحوصات الدورية: الكشف المبكر عن أي مشكلة صحية يعزز فرص العلاج الناجح.
نحن جميعًا محاربون، سواء أدركنا ذلك أم لا. أجسادنا وعقولنا تخوض معارك يومية لنظل أحياء وأصحاء. ورغم أن هذه الحروب صامتة، إلا أن النتيجة النهائية تعتمد على اختياراتنا اليومية. فهل ستساعد جيشك الداخلي أم ستتركه يقاتل وحده؟
الدكتور محمد عطية مرتضى استاذ امراض العظام والمناعة
الدكتور محمد عطية مرتضى استاذ امراض العظام والمناعة
اعلان طولي اسفل المقال
اترك تعليقا